العلمانيّة وانكشاف الأجندة الخفيّة
في حراكنا الإعلاميّ والثقافيّ المحليّ يلحظ المتابع المحايد روابط تكاد تشكّل حلقة واحدة متّصلة رغم تقطّع مراحل ظهورها، وتنوّع وسائل التعبير عن نفسها.. الأجندة الخفيّة التي تحالفت وتناغمت في معزوفة ذات رؤية مرحليّة واستراتيجيّة واحدة؛ تكشف عُريها عبر الأعمدة الصحفيّة الناريّة التي تقذف حمم مهاجمة الصالحين، ومحاولة تهديم بيوت الدّعاة، وَ وَصْم المخيّمات الدّعويّة الشبابيّة بتفريخ الإرهاب، وإلصاق تهم التكفير والتفجير بمراكز الشباب الصيفيّة، ودعوة المسؤولين إلى الأخذ بيد الحزم سلاحًا للوقوف ضد تنامي الدّعوة ومحاولة توجيه الناس للخير.. والعذر العلمانيّ لديهم هو أنّنا مجتمع مسلم مئة في المئة ولا نحتاج مزيدَ إسلام!!
ويتوّج كل هذه الهجمة المفتعلة من تيار القلّة الشّاذة عقد ندوة هنا أو مؤتمر هناك؛ لتوجيه أصابع الاتهام(الخفيّ) إلى الدّعاة بتكريس وترسيخ منهجيّة أداء العنف في عقل شباب الصحوة التاريخي.
هي حملة شرسة قطفت من ثمار التفوّق المادي الأمريكيّ العالميّ تفوّقها الوهميّ
تنكئ على معطى خارجيّ، وتنظر إلى أيّ تقدّم تناله دولة المركز الليبرالي متنفسًا لها لتدعيم وجود صوتها في مجتمعنا.
ومنذ أنْ حلّت كارثة العلمانية في عقول بعض أبنائنا الذين انتقلوا الى الغرب لتعلّم التطوّر التقنيّ فانسلت ونتيجة لظروف غيابهم عن الدين منذ نشأة الكثير منهم وماكان يعيشه مجتمع النشأة من تخلّف ماديّ قياسًا بهول صدمة التفوق الحضاريَّة منذ حلول هذا الداء الإقصائيّ في هذه العقول وفكر تحطيم الدين في قلب المجتمع المسلم هو الفكر الرائج، والذي يراهن عليه هذا التيار لهزيمة فريق الاستمساك بالثوابت الأصيلة، والتي يُنظر إليها على أنّها بوابة الماضي الذي يجب إهماله للدخول في عالم الحداثة العالميّة.
هذه الرؤية شغلت في إطار الوضوح الرقم صفر..لأنّها علمت يقينًا بقوّة الدين في تشكيل حياة المجتمع ما جعلها تهرول نحو منابر الإعلام تتسربل برداء حبّ الدين وتسعى زاحفة إلى هدمه من الخلف..عاشت هذه الأقلام سنين تتدثر بهذا الأداء (الخفيّ)منهج حياة تؤسّس على قاعدته مزيدًا من تهيئة العقول الشّابة، واختراق الصف إلا أنّها فشلت فشلا ذريعًا في تكوين قاعدة مجتمعيّة، أو تجسيد نموذج حداثيّ علمانيّ صالح للحياة في وسط مجتمع إسلاميّ يمجّد القدوة الشرعيّة ويحتفي بها طريقًا للحياة.
ورغم انهزامها إلا أنّ ظروف التغيّر العالميّ فتح مسار التعبير الأكثر وضوحًا لهذه الفئة الضّالة للاستقواء بالأجنبيّ، واعتباره قادرًا على إحداث التغيير المستقبليّ المنشود وفق خططهم لعلمنة أرض الحرمين متى هجم هذا التصوّر الغربيّ بقوّة مادّته وسطوته العالميّة على وطننا الإسلاميّ الحرّ
وتعتبر الكتابات الصحافيّة التي انتشرت في أصقاع الصفحات هذه الأيام نموذجًا يسجل لحظة تاريخيّة في حياة مجتمعنا المسلم على مدى ارتباط هذا الفكر بالسيد الغربيّ!وعلى مدى التناسب الطّرديّ بين الشهرة وتخريب قيم المجتمع، فكلما نزع قلم إلى نزع حياء المجتمع وضرب قيمه كلما ازدادت شهرته، وبزغ نجمه في الإعلام المحتكر من قبل سلاطين الفكر الاقصائي المستغرب والأمثلة والشواهد كثيرة.
قلم : يبارك قرار تخفيض عدد المخيّمات الصيفيّة باعتبارها مراكز تفريخ الإرهاب والبديل الاحتفاء بنجوم الفنّ، وفتح أماكن للتطعيس وملاهي للرقص حتى ينجو المجتمع من تطرّف رجال الدّين!
قلم آخر: يقفز إلى الوراء بعيدًا وهو يخاطب المسؤولين من موقع مسؤوليته الصحافيّة، وخوفه على أبناء وطنه من التطرف بالحزم في وجه الدعاة المتجولين الذين يجوبون القرى والهجر يحملون بضاعة لا اله إلا الله محمد رسول الله.
يدعو هذا القلم إلى منع هؤلاء وتحديد أسماء رسميّة محدّدة للظهور في الإعلام بدل فتح المجال لكلّ داعية؛ فمجتمعنا مسلم عن بكرة أبيه ولا يحتاج مزيد إسلام !
قلم ثالث: يتوجّع من حال وطنه الذي استشرى في جسده نور الدين!! تنتشر مراكزه الصيفيّة في كل مكان، وتحلّق في أجوائه المخيّمات الصيفيّة، ويطالب بالتحديث وتغيير نظرة المجتمع للحياة، وزرع البسمة بدل اقتطافها، وذلك لا يتمّ إلا بمشروع مبارك لاحياء مزيد من الحفلات الموسيقيّة وفتح المجال أمام المرأة لمنافسة الرجل في عمليّة اختلاط لا تجد من ورائها أيّ فرصة حقيقيّة لبناء سوق عمل سعوديّ منتج بقدر ماهي دعوة لإحلال الفساد وتطبيع الانحراف في مجتمع آمن لم ير ولم يسمع من قبل شذوذًا بمباركة أبنائه!
أقلام تنحدر من أعلى قمم المسؤوليّة الأخلاقيّة تهوي بالأمة ألف خريف وهي لا تدري..وأصوات تعالت حاسرة عبر الفضائيّات التي انتشرت انتشار النار في الهشيم لتفتح لهم (وبأموالنا) منافذ تأثير لم تحلم بها عقولهم القاصرة عن فهم أيّ شيء.
هاهم يمتطون كراسي التقديم والإعداد ليعلنوا عن هجومهم الرامي إلى إلصاق تهمة التطرّف بفكرنا الديني،ّ وتوزيع الجرائم على المجتمع كل وفق تخصصه؛ فهذه الفئة تقتل إبداع النساء، وأخرى تحرمها من الميراث، وثالثة تمنعها من العمل، ورابعة تعتبر التحدّث عن الاعتدال سلوك غير طبيعي ينتهزه رجال الدعوة لعبور نفق الإرهاب ناسية أو متناسية أنّ الإسلام دين الاعتدال، وأنّ علماءنا ودعاتنا أهل منهج الوسطيّة عقيدة لا تملّقًا وتقية!!
ومتجاوزين التاريخ الإسلاميّ العتيق الذي نزل وحيًا من السماء، وانتقل انطلاقًا من ارض الحرمين الشريفين مشكّلا أبناء هذه الجزيرة قدوات يتطلع إليهم الجميع منذ فجر التاريخ الإسلاميّ.
إنّ هذه الدعوات تهدف (إضافة إلى علمنة البلاد) إلى محاولة تحطيم القدوات الإسلاميّة التي يتقدمها أبناؤنا من علماء ودعاة إجلاء في صفوف المواجهة الحضاريّة الإسلاميّة مع الآخر إلى تقديم نماذج جديدة من القدوات المحليّة للعالم الإسلاميّ .. الرذيلة وطنها، والإسلام خصمها فتحلّ بارتفاع أسهم هذه النماذج نكبة كبرى في عالمنا الإسلاميّ عن بكرة أبيه؛ إذْ بانهيار المركز تتفتّت الأطراف.
دعوات خطرة وغايات هرمة وانتهازية مقيتة ومحاولات تصفية حسابات بالية في موطن يعيش أزمة وتربص شديدين ينبغي على من ملك فكرا نيرا أو قلما طيعا أن يدرك خطورة المرحلة وإسلامية هذه البلاد التي حباها الله بالحرمين الشريفين فذلك اعز وأنقى من لخضوع لولاية الغرب وحجز مقاعد التبعية الحداثية لمن يريد محاربة دين هذه البلاد والاعتداء على مقدساتها !