بنو قينقاع
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد " فلمَّا هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، كان بها الأنصار من الأوس والخزرج، وكانوا في جاهليتهم يعبدون الأصنام، على طريقة مشركي العرب، وبها اليهود من أهل الكتاب على طريقة أسلافهم، وكانوا ثلاث قبائل: بنو قَيْنُقَاع حلفاء الخزرج، وبنو النَّضِير، وبنو قُرَيْظَة حلفاء الأوس " تفسير ابن كثير 1/176 وقد عامل الرسول كل طائفة من هؤلاء بما أمره الله به فصالَح يهودَ المدينة ، وكتب بينه وبينهم عهداً بكتاب .. فحاربه بنو قينقاع بعد معركة بدْرٍ وأظهروا البغي والحسد ثم نقض العهدَ بنو النُّضير بعد ذلك بستة أشهر ثم نقض بنو قُريظة العهدَ لما خرج الى غزوة الخندق ، وكانوا أشد اليهود عداوة للنبي صلى الله عليه وسلم والإسلام .ا.هـ تفسير القطان 1/409
إسلام عبد الله بن سلام رضي الله عنه وهو من بني قينقاع وبيانه حال اليهود
عن أنس رضي الله عنه قال : بلغ عبد الله بن سلام مقدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة فأتاه فقال إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ما أول أشراط الساعة وما أول طعام يأكله أهل الجنة ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه ومن أي شيء ينزع إلى أخواله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( خبرني بهن آنفا جبريل ) . قال فقال عبد الله ذاك عدو اليهود من الملائكة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت وأما الشبه في الولد فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له وإذا سبق ماؤها كان الشبه لها ) . قال أشهد أنك رسول الله ثم قال يا رسول الله إن اليهود قوم بهت إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بهتوني عندك فجاءت اليهود ودخل عبد الله البيت فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( أي رجل فيكم عبد الله بن سلام ) . قالوا أعلمنا وابن أعلمنا وأخيرنا وابن أخيرنا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( أفرأيتم إن أسلم عبد الله ) . قالوا أعاذه الله من ذلك فخرج عبد الله إليهم فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فقالوا شرنا وابن شرنا ووقعوا فيه . رواه البخاري (3151)
دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لهم
عن ابن عباس قال لما أصاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قريشا يوم بدر وقدم المدينة جمع اليهود فى سوق بنى قينقاع فقال « يا معشر يهود أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشا ». قالوا يا محمد لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفرا من قريش كانوا أغمارا لا يعرفون القتال إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس وأنك لم تلق مثلنا. فأنزل الله عز وجل فى ذلك (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ) قرأ مصرف إلى قوله ( فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)(آل عمران:13) ببدر ( وَأُخْرَى كَافِرَةٌ ). رواه أبو داود (3003) والضياء في الأحاديث المختارة (377) قال الحافظ ابن حجر : روى ابن إسحاق بإسناد حسن فذكره . فتح الباري 7/332
كيفية نقضهم للعهد
عن أبي عون قال: كان من أمر بني قينقاع أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها فباعته بسوقهم، وجلست إلى صائغ بها. فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فلم تفعل. فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها فلما قامت انكشفت سوءتها فضحكوا، فصاحت. فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله وكان يهودياً فشدت اليهود على المسلم فقتلوه فأغضب المسلمون ووقع الشر . السيرة لابن هشام 2/47 الروض الأنف 3/224تاريخ الإسلام للذهبي 2/146
المنافقون واليهود
وقد غزى رسول الله صلى الله عليه و سلم بني القينقاع في شوال من السنة الثانية من الهجرة فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى نزلوا على حكمه فقام إليه عبدالله بن أبي بن سلول حين أمكنه الله منهم فقال يا محمد أحسن في موالي وكانوا حلفاء الخزرج فأبطأ عليه النبي صلى الله عليه و سلم قال فأدخل يده في جيب رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم أرسلني وغضب رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى رأوا في وجهه ظلالا يعني تلونا ثم قال ويحك أرسلني قال لا والله لا أرسلك حتى تحسن إلى موالي أربعمائة حاسر وثلاثمائة دارع قد منعوني من الأسود والأحمر تحصدهم في غداة واحدة وإني والله لا آمن وأخشى الدوائر فقال رسول الله هم لك ثم أمر بإجلائهم وغنم الله عز و جل رسوله والمسلمين ما كان لهم من مال ولم تكن لهم أرضون إنما كانوا صاغة فأخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم لهم سلاحا كثيرا وآلة صياغتهم وكان الذي ولي إخراجهم من المدينة بذراريهم عبادة بن الصامت وعبادة رضي الله عنه سبق أن مشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أحد بني عوف لهم من حلفه مثل الذي لابن سلول، فخلعهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبرأ إلى الله ورسوله من حلفهم، وقال:
أتولى الله ورسوله والمؤمنين، فنزلت فيه وفي ابن سلول قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) (المائدة:55) رواه ابن اسحاق في السيرة 1/294 ومن طريقه البيهقي في دلائل النبوة (1040) سيرة ابن هشام 1/48 تاريخ الطبري 2/49 البداية والنهاية 4/5 .
وهذا ما رأينا شيئا منه في هذا الزمان عندما اعتدى اليهود على مسلمي غزة كيف قام أذنابهم ممن ينتسب للإسلام بتبرير ما قاموا به والدفاع عنهم وتوبيخ مسلمي غزة وأنهم هم السبب فيما حدث وكتبوا في ذلك المقالات تلو المقالات وتحدثوا جهاراً نهاراً بذلك عبر وسائل الإعلام المريئة والمسموعة يتقربون بذلك لأعداء الدين خشية أن تدور عليهم الدوائر ..
وحال أحدهم كما قال الله تعالى ( وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(التوبة:98) ونسوا ما ذكروا به ( إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) (آل عمران:160) وقال تعالى مبينا علاقة المنافقين باليهود ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (12) لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (13) لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ(14) كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (15) كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ) (الحشر:17)
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين