خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية
الأسدية زوج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-
وأول من صدقت ببعثته
مطلقا
قال الزبير بن بكار:
كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة، وأمها
فاطمة بنت زائدة قرشية من بني عامر بن لؤي، وكانت عند أبي هالة بن زرارة بن النباش
بن عدي التميمي أولا، ثم خلف عليها بعد أبي هالة عتيق بن عائذ بن عبد الله بن عمر
بن مخزوم، ثم خلف عليها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- هذا قول ابن عبد البر
ونسبه للأكثر.
وعن قتادة عكس هذا: إن أول أزواجها عتيق، ثم أبو هالة،
ووافقه ابن إسحاق
وكان تزويج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- خديجة قبل
البعثة بخمس عشرة سنة، وقيل أكثر من ذلك، وكانت موسرة، وكان سبب رغبتها فيه ما حكاه
لها غلامها ميسرة مما شاهده من علامات النبوة قبل البعثة، ومما سمعته من بحيرا
الراهب في حقه لما سافر معه ميسرة في تجارة خديجة.
وولدت من رسول الله -صلى
الله عليه وآله وسلم- أولاده كلهم إلا إبراهيم
وقد ذكرت عائشة في حديث بدء
الوحي ما صنعته خديجة من تقوية قلب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لتلقى ما أنزل
الله عليه فقال لها: لقد خشيت على نفسي، فقالت: كلا والله لا يخزيك الله أبدا وذكرت
خصاله الحميدة، وتوجهت به إلى ورقة، وهو في الصحيح.
وقد ذكره ابن إسحاق
فقال: وكانت خديجة أول من آمن بالله ورسوله، وصدق بما جاء به فخفف الله بذلك عن
رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فكان لا يسمع شيئا يكرهه من الرد عليه، فيرجع
إليها إلا تثبته وتهون عليه أمر الناس.
وعند أبي نعيم في الدلائل بسند ضعيف
عن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كان جالسا معها إذا رأى شخصا بين
السماء والأرض فقالت له خديجة: ادن مني فدنا منها فقالت: تراه قال: نعم قال: أدخل
رأسك تحت درعي ففعل، فقالت: تراه قال: لا قالت: أبشر هذا ملك إذ لو كان شيطانا لما
استحيا
ثم رآه بأجياد فنزل إليه وبسط له بساطا، وبحث في الأرض فنبع الماء فعلمه
جبريل كيف يتوضأ فتوضأ، وصلى ركعتين نحو الكعبة، وبشره بنبوته، وعلمه: اقرأ باسم
ربك ، ثم انصرف فلم يمر على شجر ولا حجر إلا قال: سلام عليك يا رسول الله، فجاء إلى
خديجة فأخبرها فقالت: أرني كيف أراك فأراها فتوضأت كما توضأ، ثم صلت معه، وقالت:
أشهد إنك رسول الله .
عن عائشة قال: كانت خديجة تكنى أم هند، وعن حكيم بن
حزام أنها كانت أسن من النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بخمس عشرة سنة.
وروي عن المدائني بسند له، عن ابن عباس أن نساء أهل مكة اجتمعن في عيد لهن
في الجاهلية فتمثل لهن رجل فلما قرب نادى بأعلى صوته: يا نساء مكة إنه سيكون في
بلدكن نبي يقال له أحمد فمن استطاع منكن أن تكون زوجا له فلتفعل، فحصبنه إلا خديجة،
فإنها عضت على قوله، ولم تعرض له.
وأسند أيضا عن الواقدي من حديث نفيسة أخت
يعلى بن أمية قالت: كانت خديجة ذات شرف وجمال فذكر قصة إرسالها إلى النبي -صلى الله
عليه وآله وسلم- وخروجه في التجارة لها إلى سوق بصري فربح ضعف ما كان غيره يربح،
قالت نفيسة : فأرسلتني خديجة إليه دسيسا أعرض عليه نكاحها فقبل، وتزوجها وهو ابن
خمس وعشرين سنة، فولدت له القاسم وعبد الله، وهو الطيب وهو الطاهر سمي بذلك لأنها
ولدته في الإسلام، وبناته الأربع وكان من ولدته ستة.
وفي الصحيحين عن عائشة
أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه
ولا نصب ، وعند مسلم من رواية عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن علي أنه سمعه يقول:
سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: خير نسائها خديجة بنت خويلد، وخير
نسائها مريم بنت عمران .
وعنده من حديث أبي زرعة سمعت أبا هريرة يقول: قال
رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: أتاني جبريل فقال: يا رسول الله هذه خديجة
أتتك ومعها إناء فيه طعام وشراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها من ربها السلام ومني...
الحديث.
قال ابن سعد: حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي، حدثنا محمد بن عمرو، عن
أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، قالا: جاءت خولة بنت حكيم فقالت: يا رسول
الله كأني أراك قد دخلتك خلة لفقد خديجة، قال: أجل كانت أم العيال وربة البيت...
الحديث وسنده قوي
وأخرجه النسائي والحاكم من حديث أنس: جاء جبريل إلى النبي
-صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: إن الله يقرأ على خديجة السلام، فقالت: إن الله هو
السلام وعلى جبريل السلام وعليك السلام ورحمة الله .
وقد أثنى النبي -صلى
الله عليه وآله وسلم- على خديجة ما لم يثن على غيرها، وذلك في حديث عائشة قالت: كان
رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة، فيحسن
الثناء عليها، فذكرها يوما من الأيام، فأخذتني الغيرة فقلت: هل كانت إلا عجوزا قد
أبدلك الله خيرا منها، فغضب ثم قال: لا والله ما أبدلني الله خيرا منها، آمنت إذ
كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني منها
الله الولد دون غيرها من النساء، قالت عائشة فقلت في نفسي لا أذكرها بعدها بسبة
أبدا .
قال ابن إسحاق: كانت وفاة خديجة وأبي طالب في عام واحد، وكانت خديجة
وزيد صدقا على الإسلام، وكان يسكن إليها، وقال غيره: ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين
على الصحيح، وقيل: بأربع، وقيل: بخمس
وقالت عائشة ماتت قبل أن تفرض الصلاة،
يعني قبل أن يعرج بالنبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، ويقال: كان موتها في رمضان.
وقال الواقدي: توفيت لعشر خلون من رمضان، وهي بنت خمس وستين سنة، ثم أسند
من حديث حكيم بن حزام أنها توفيت سنة عشر من البعثة بعد خروج بني هاشم من الشعب،
ودفنت بالحجون، ونزل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في حفرتها، ولم تكن شرعت
الصلاة على الجنائز.